ما حكم الأب الذي قسَّمَ ميراثَه وهو على قيد الحياة؟
الإجابة:
هذه الفتوى تندرج تحت باب الهبة، لا تحت باب الميراث، والفارق بينهما أنَّ الإنسان إذا أعطى المال في حياته لا يعطيه على أنه ميراث، بل يعطيه على أنه هبة طالما أنه على قيد الحياة، وهو حرٌّ في هذه الهبة إن شاء أعطاها لِمَنْ شاء، وإن شاء منعها، أمَّا الميراث فإنه إذا مات ابن آدم خَرَج عن ملكِه كلِّه وأصبح ملكاً للورثة يتقاسمونه بينهم وفق شرع الله.
فإذا وهب الوالد أولاده هبةً ما، فهل يعدل بينهم بالسوية، أم على قدر الميراث:
ذهب جمهور العلماء إلى أنه يستحب أنْ يسوِّيَ الوالد بين أولاده في العطية دون تمييز، خشيةً مِنْ وقوع الإحنة والعداوة بينهم.
وأوجب الحنابلة التسوية بينهم على قدر ميراثهم، قال صاحب كشاف القناع 3/505: ويجب على الأب وعلى الأم وعلى غيرهما من سائر الأقارب التعديل بين مَنْ يَرِثُ بقرابةٍ مِنْ ولدٍ وغيرِه كأبٍ وأمٍّ وأخٍ وابنِه وعمٍّ وابنِه في عطيتهم، بقدر إرثهم منه اقتداءً بقسمة الله تعالى، وقياساً لحالة الحياة على حال الموت، لحديث جابر قال: قالت امرأة بشير لبشير: أعط ابني غلاماً، وأَشْهِدْ لي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إنَّ ابنة فلان سألتني أنْ أنحَلَ ابنها غلامي، فقال: أَلَهُ إخوة؟؟ قال: نعم، قال: كلُّهم أعطيتَ مثل ما أعطيتَه، قال: لا
قال، فليس يصلح هذا، اتقوا الله واعدلوا في أولادكم، فرجع أبي في تلك الصدقة .
فتبيَّن أنَّ هذا الفعل جائز، وأنَّ الأَوْلى أنْ يسوِّيَ بينهم في العطية، فيعطي الأنثى كالذكر، والصغير كالكبير دون تفريق، والله أعلم.